صيغة دعوى اللعان والحكمة من مشروعية اللعان
ما هو اللعان
يعرف اللعان بأنه: الإبعاد والطرد من رحمة الله تعالى. وهو عبارة عن شهادات مؤكدات بحلف أيمانٍ من كلا الطرفين (الزوج والزوجة) مقرونة بلعن وغضب وشتم وما شابه ذلك.
متى يكون اللعان
اللعان حكم في الشريعة الإسلامية يحدث عندما يتهم الزوج زوجته بالزنا سواء أن يصرح باتهامه لها بالزنى، كأن يقول لها : أنت زانية، أو ينفي نسب حملها أو مولودها عنه، فيقول : ما في بطنك ليس ولدي، أو هذا المولود ليس ولدي، بدون أن يأتي بأربعة شهداء على وقوعالزنا، ففي هذه الحالة يطلب منه القاضي أن يحلف أربع مرات (بدل الشهود الأربعة) (ليدفع عن نفسه حدّ القذف) أنه من الصادقين في دعواه ضدّ زوجته، ثم يحلف مرة خامسة بأن يقول: (لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين) أي: فيما اتهم زوجته به من الزنا. وبالنسبة للمرأة التي تريد أن تدرأ عن نفسها حد الزنا أن تحلف أربع مرات (بدل الشهود الأربعة) كذلك أنه من الكاذبين فيما اتهمها به، وفي الخامسة تؤكد بأن غضب الله عليها وسخطه إن كان زوجها صادقا فيما اتهمها به.
إقرأ أيضاً: تعريف القذف وعقوبة القذف المحصنات شرعا وقانونا والحكمة من تشريع عقوبة القذف في الإسلام.
الأثر المترتب على اللعان
ما هو الأثر المترتب على اللعان ؟
وعند حدوث الملاعنة بين الزوجين تحدث الفرقة على التأبيد، ويدرأ الحد وتنتفي نسبة الولد الذي لاعنا فيه عن الزوج -إذا كان في اللعان ذكر نفي الولد. كما أن هنالك نتائج تترتب على الملاعنة مفصلة في مقرر الفقه ، يستحسن الرجوع إليها لمعرفة الجوانب الأخرى للمسألة.
ما هي آية اللعان ؟
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)﴾ [سورة النور]
صيغة دعوى اللعان وطريقة اللعان
ما هي صيغة اللعان ؟ وما طريقة اللعان ؟ ذكرت الآية الكريمة أن اللعان بين الزوجين يتم بأن يتقدم الزوج القاذف لزوجته إلى المحكمة ، فيتهمها بالزنى بعبارة صريحة ، ويؤكد ذلك أربع مرات بما يشبه اليمين ، إنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ويشهد شهادةً خامسة تختلف عما سبقها ، وذلك بأن يوجه لنفسه لعنة الله إذا كان كاذباً فيما اتهمها به ، لعل ذلك يزيد في الضغط عليه ليتراجع عن موقفة إن كان كاذباً ، بسبب ما تثير اللعنة في داخله من إحساس بالخزي ، حين يضع نفسه في موضع الملعون ، وهذا أسلوب من أساليب الاحتياط للعدالة عند الحكم على الناس.
فإذا أتم الزوج شهادته نجا من عقوبة القذف ، وصارت امرأته في دائرة العقوبة ، ولكن الإسلام لا يزيد للزوجه أن تقف موقف الخاضع لاتهام زوجها لاحتمال كذبه وافترائه عليها ، لذا جعل لها الحق في أن تدفع التهمة عن نفسها بالطريقة ذاتها ، فتشهد أربع مرات أنه كاذب في اتهامه لها ، وتؤكد النفي بشهادة خامسة تتضمن استنزال غضب الله عليها إن كان صادقاً فيما نسب إليها . وبتلك الملاعنة يتوازن الموقفان وتتساقط الشهادتان ، ويفرق بين الزوجين ؛ فيذهب كل منهما لسبيله.
كيفية لعان الزوجة
تتمثل طريقة لعان الزوجة لزوجها، في أنّ تقول” أشهد بالله أنّ فلاناً من الكاذبين فيما رماني به من الزنى”. فعليها قول ذلك أربع مرات، ثم تقول في المرة الخامسة” وعليّ غضبُ الله إنّ كان من الصادقين”. فإنّ تلفضت في ذلك فقد سقط عنها حدّ الزنا.
الحكمة من مشروعية اللعان
ما هي الحكمة من تشريع اللعان ؟ جاء تشريع اللعان لحل الوضع الصعب الذي يعيشه البيت الزوجي عند اتهام الزوج لزوجته بالزنى ، إما لأنه رأى بعينه دون وجود أحدٍ معه ، أو سمع ممن تطمئن إليه نفسه ، دون أن يملك أية وسيلة من وسائل الإثبات الشرعية الحاسمة ، وإما لأنه يتوهم وتعتريه الشكوك ، حتى يخيل إليه أن امرأته تخونه ؛ فيجزم باتهامها.
فكان الحل الأنسب هو في الضغط النفسي على كل الزوجين من خلال ما يمكن أن تثيره الشهادة المكررة والمؤكدة تارة باستحقاق الكاذب للعنة الله ، وتارة باستنزاله غصب الله ، وذلك في محاولة لاستسلام الكاذب منهما للمؤثرات الروحية ، فيتراجع عن موقفه ، ويقر بالحقيقة التي تحسم الموقف ، وإلا فرق بينهما ؛ لأن حياتهما الزوجية قد انهارت بسبب هذا الاتهام الشنيع بعد ذلك لن تكون على ما يرام.
ويشير قول الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ (النور : 10 )، إلى أن من فضل الله على الناس أن شرع لهم من الأحكام ما يحميهم ويساعدهم على حل ما يطرأ في حياتهم من مشاكل وتجاوزات ، ومن رحمته بهم أن أتاح لهم التوبة لتطهر أنفسهم من آثار الخطيئة ، ولولا ذلك لاستحقوا العقاب العاجل نتيجة لتجاوزاتهم.