بم وصف الله تعالى شجرة الزيتون في سورة النور
بم وصف الله تعالى شجرة الزيتون في سورة النور ؟ وصف الله تعالى نفسه بأنه ( نور السماوات والأرض ) ليبين للإنسان أنه الهادي لكل من في السماوات والأرض إلى الصلاح والفلاح ، وأنه لا يغيب عنه شيء في هذا الكون ، ولا يحجبه شيء عنه ، وكيف يخفى عليه ـ عز وجل ـ شيء وهو النور الذي يكشف الأشياء.
كما وصف الله شجرة الزيتون فى سورة النور بأنها شجرة مباركة يتصف زيتها بالصفاء والنقاء والجودة.
إقرأ أيضاً : اعراب آية الله نور السماوات والارض.
أهمية ضرب الأمثال في سورة النور أهدافه التربوية وآثاره
تكمن الغاية من ضرب الأمثال في القرآن الكريم لما كان الإنسان لا يستطيع أن يدرك معنى نور الله لكونه حقيقة غيبية ؛ ما المثل الذي ضربه الله تعالى في سورة النور ؟ ضرب الله مثلاً بما يعرف من المحسوسات ، فاخبر أن مثل نوره كمشكاة فيها مصباح أي أن مثل نوره في الكشف عن حقائق الأشياء ، كمشكاة فيها مصباح معنى كمثل نور ذلك المصباح الذي يوضع في المشكاة وهي : فتحة تكون في الجدار غير نافذة وتسمى الكوة تحصر النور وتجمعه في مكان واحد. والمصباح مع ذلك في داخل قنديل من الزجاج ، مسرج بزيت شجرة الزيتون حسنة المنبت تقع في مكان يصل إليها ضوء الشمس وقت الشروق ووقت الغروب ، ما معنى زيتونة لا شرقية ولا غربية ؟ المقصود زيتونة لا شرقية ولا غربية كأنها تستمد طاقة الضوء من الصباح إلى المساء ، مما جعل زيتها صافياً نقياً يكاد يضيء من صفائه دون إشعال.
فهذه العوامل تمثل في ذهن الإنسان أعلى مستويات الإثارة التي تكشف ملامح الأشياء المحيطة بها ، وتقدمها على حقيقتها ، فلا يخفى شيء منها. وذلك النور الذي يريد الله للناس أن يكتشفوه ، وهو المنهج الذي يستطيع أن يمنحهم هدى لا ضلال معه ، وحقاً لا باطل فيه ، ووضوحاً لا غموض ينتابه ، وذلك من خلال ما شرع لهم من مبادئ دينية ، وأحكام شرعية ، وإرشادات تبصرهم سبل الحياة الكريمة ، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف, 157].
المهتدون بنور الله
يستضيء المؤمنون بنور الله ويهتدون بهديه ، فتنكشف لهم الأمور على حقيقتها وينعكس ذلك في سلوكهم استقامة وصلاحاً ، وقد أشارت الآية إلى شيء من آثار نور الله في حياتهم ، منها :
- الإقبال على المساجد التي جعلها الله مكاناً للصلاة والذكر ، وأراد لخلقة أن يرفعوا بنيانها بالعمارة ، ويعمروا أوقاتها بالعبادة ، التي تصنع إنسانية الإنسان ، وتحرك دوافعه الإيمانية ، وتوحي له بالمعاني الخيرة التي تجعل منه إنسان الخير لا إنسان الشر .
- المداومة على الذكر في كل الأوقات سواء عند شروق الشمس في بداية يوم جديد ، أو عند غروبها في نهايته ، فلا يشغلهم عن الذكر تجارة مهما كانت رابحة ، ولا بيع مهما كان رائجاً ، لأن الخالق عظم في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم.
- إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ؛ لا يقصرون في أداء شيء منها ؛ لأن الصلاة عبادة يعيش الإنسان _ معها _ القرب من الله والاستئناس به ، والزكاة عطاء للتقرب إلى الله بالإنفاق على الفئات المحرومة ، وبذلك تخرج العبادة من حالة الاستغراق الذاتي الخاص ، لتصبح حالةً في الواقع العملي الذي يتصل بحياة الإنسان نفسه ، وبحياة الآخرين.
- الإيمان باليوم الآخر ، وبكل ما أخبر به الأنبياء عنه ، لذلك ينظرون إليه كحقيقة لا تحتمل الشك ، ويعملون جاهدين استعدادً ليوم المعاد ، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم منها حذرون .
ظلمات الكفر وأوهام الكافرين
عندما يعرض الإنسان عن نور ربه يجد نفسه غارقاً في ظلمات الضلالة والكفر ، فيمضي في غير سبيل ، ويعمل دون جدوى ، وللكشف عن هذه الحقيقة ضرب الله لحال الكافرين مثالين :
- المثال الأول : يبين حال الكافرين الذين لهم أعمال وبرامج وخطط وتشريعات يظنون أنها تعود عليهم بالنفع في عاقبة أمرهم وأنها تقوم مقام ما جاء به النبي ﷺ، ثم يفاجؤون بأنه لا ينفعهم شي من تلك الأعمال ، وأن الله ﷻ سيحاسبهم على إعراضهم عن الإيمان ، فحالهم كحال العطشان الذي يكون في الصحراء ، فيتراءى له السراب في الأفق البعيد ، فيظنه ماءً ، فينطلق نحوه بحثا عن ما يروي عطشه ، فإذا انتهى به السير إلى أقصى ما يستطيع بلوغه ، لم يجد أثراً لماء .
- المثال الثاني : شبه حال الكافرين في ابتعادهم عن نور الله وهداه ، بمن يكون في أعماق البحر من فوقه أمواج متراكمة وسحب كثيفة تحول دون نفوذ الضوء إليه ، ما يجعله يفتقد الرؤية بسبب الظلام الحالك الذي يحيط به ، حتى أنه إذا نظر إلى يده لم يكد يراها ، لأن الظلمات المتراكمة قد حالت بينه وبين الرؤية ، وهذا هو حال كل من لم يقبل على نور الله لتشرق روحه بالإيمان ، ويستنير عقله بأوضح برهان ، ويتمكن من إدراك أسرار الحياة الواسعة ، فهو يتخبط في ظلمات الضلال لا يكاد يرى ما يحيط به مما ينفعه أو يضره ، ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور.